دور الجانب الاقتصادي في التمهيد الايطالي لاحتلال طرابلس الغرب .
مقال في مجلة علمية

كان قرار الغزو الإيطالي لولاية طرابلس الغرب يستند إلى خلفية داخلية بدأت تتشكل في أعقاب الوحدة الإيطالية عام 1870م والتي أخذت تطرح الفكرة الاستعمارية السائدة والتي كانت تستمد مبرراتها من جملة التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والديمغرافية التي انتشرت في تلك المرحلة ، كما ساهمت البنية الخارجية المحيطة في تلك الفترة والتي ساعدت على تدعيم هذه الفكرة لما لها من فائدة في نظرهم بالنسبة لإيطاليا خصوصا إذا علمنا بما تتمتع به ولاية طرابلس من أهمية استراتيجية واقتصادية واجتماعية شكلت عامل جذب لصناع القرار السياسي في إيطاليا فضلا عن الأوضاع العسكرية والسياسية التي كانت تمر بها الولاية والتي كانت انعكاساً لحال الدولة العثمانية ككل

         هذه الظروف كانت تلهم ساسة إيطاليا ودعاة الاستعمار فيها إلى ضرورة التحرك وتحقيق حلمهم في إنشاء إمبراطورية كبرى تمتد من سواحل الشمال الإفريقي حيث طرابلس وتتجه جنوبا وشرقا لتضم دارفور في السودان وإثيوبيا وجزء كبيراً من مناطق شرق إفريقيا وبالرغم من انهيار هذا الحلم بعد تعرض إيطاليا إلى هزيمة تاريخية في معركة (عدوة ) إلا إن هذا الحلم ظل مسيطراً على عقول الكثيرين من الإيطاليين إلى أن جاء الحكم الفاشي لتأكيده ومحاولة أحياه ] مرة أخرى ، بل إن نقاشات مطولة حدثت في داخل البرلمان الإيطالي طوال الفترة الممتدة بين عامي 1885م / 1908م حول كيفية السيطرة والإعداد لاحتلال طرابلس الغرب ، إضافة إلى ما تمثله من أهمية باعتبارها إحدى البوابات المهمة التي تأتي منها البضائع والثروات الإفريقية ، ووجود العديد من طرق التجارة عبر صحرائها ، وفي مسعى استباقي سعت إيطاليا إلى إرسال العديد من البعثات الاستطلاعية اعتبارا من عام 1901م في ظاهرها التنقيب عن المعادن والثروات ، ويشار في هذا الجانب إلى بعثة الدكتور (هالبهمبر ) والبروفسور ( دي سانكتمي ) من معهد البحوث العلمية في روما حيث حاولت هذه البعثة العمل في الولاية لكنها منعت ولم يسمح لها إلا عام 1910م حيث تمكنت من الحصول على جملة من النتائج العلمية والاقتصادية التي جرى مناقشتها داخل البرلمان الإيطالي في ذلك العام ، هذا الأمر لم يتوقف فقد استمرت ايطاليا في إرسال البعثات بغية دراسة الولاية ومعرفة كل ما يتعلق بها قبل القيام بالغزو ، كما أن الأوضاع التي تمر بها الدولة العثمانية ككل كانت عاملاً مهماً شجع إيطاليا وأعطاها حافزاً في المضي في تحقيق هذه الأطماع في ظل هذه الأوضاع التي تمر بها الولاية عليه فقد شكلت الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتدنية في الولاية سنداً مهماً لتحقيق هذا الحلم ، فعدم ثبات الولاة وحدها كانت عاملاً مهماً حيث تناوب على حكم الولاية اعتبارا من عام 1835م وحتى عام 1911م قرابة ثلاثة وثلاثون واليا وهذا في حد ذاته معيار على تخبط الدولة وعدم استقرارها في كل الجوانب

 

 هذا الأمر شكل أكبر مشكلة كانت تواجه الولاة خصوصاً في عملية الإصلاحات هذا إذا أخذنا على بعضهم عدم امتلاك مقومات القدرة على الإصلاح أصلا زد عليه تدخل القناصل والسفراء الأجانب بصورة تتنافي وطبيعة عملهم وتتجاوز حدودهم الدبلوماسية ، وهذه الأمور كان لابد أن يكون لها انعكاس على أحوال الدولة والولاية على حد سواء فهؤلاء الولاة انشغلوا في اهتماماتهم بكيفية استمرارهم في الحكم دون النظر إلى أحوال الولاية ، زد على هذه الأوضاع غير المستقرة سيطرة الاتحاديين على زمام الأمور في الدولة العثمانية بعد انقلاب عام 1908م وما تبع ذلك من صبغ نهج العلاقة مع الولاية فيما عرف بالتتريك ومحاولة فرض القومية الطورانية ، هذا العمل ساهم في نفور الأهالي بالولاية من تطبيق هذه السياسات في الوقت الذي تعاني فيه الولاية الضعف وعدم الاستقرار ، الأمر الذي أعطى الايطاليين المجال والفرصة في تحقيق أهدافهم ، عليه فتراكم طبيعة عمل الولاة وتردي علاقتهم مع السكان ، إضافة إلى حالة الضعف السائدة في كل إنحاء الدولة العثمانية ، هذه الأمور المجتمعة لابد أن تكون نتيجتها سيئة للطرفين ، وإذا أخذنا في الاعتبار مدى ما وصلت إليه الحامية العثمانية الموجودة في طرابلس وبرقة من ضعف بحيث لم يتجاوز عدد قواتها خمسة ألاف جندي ، فكيف يمكن صد أو مقاومة عملية الغزو الإيطالية ، وبالرغم من وعي نواب الولاية بهذه الإخطار وتحذيرهم بما وصلت إليه الأمور في الولاية ودعوتهم إلى الإسراع بتقديم العون العسكري بشكل خاص للولاية ، إلا أن أصواتهم ذهبت أدراج الرياح ولم يتم الاستماع لهم ، بل بالعكس لم يتم حتى تعويض القوات التي جرى سحبها إلى اليمن بالرغم من أن حكومة الاتحاديين أشارت إلى أنها سوف ترسل بدل عنهم وهذا لم يحدث .

        هذه الإجراءات التي أتبعتها حكومة الاتحاديين التي يمثلها حقي باشا لم تتوقف حيث جرى وبشكل متواطئ عام 1910م سحب نصف جنود الفرسان في الولاية ، في الوقت الذي كانت الولاية تعاني من إهمال لعمليات التجنيد وعدم إرسال مخصصات لجنة التجنيد ، وجرى استبعاد أعداد من المؤهلين للجندية ولم يتم قبولهم كمتطوعين ، إضافة إلى عمليات سحب السلاح التي تمت في الولاية والتي كانت تشيع بأن هذه العملية هي لاستبدالها بأنواع حديثة وهذا لم يحدث في إشارة إلى ما وصلت إليه الأمور من سوء الأحوال خاصة العسكرية منها ، يضاف إلى تلك الأمور عدم تقديم المعونة المالية التي كانت تقدم للولايات التي في حاجة إليها بغية إصلاح حصونها وإنشاء دفاعات لها بالرغم من تلاقي نظارة المالية لتلك المخصصات من مجلس الأمة العثماني ، إضافة سحب الضباط العرب أو الذين يجيدون العربية ويعرفون أحوال البلاد العسكرية ويمكنهم قيادة الأهالي وإبعادهم في الوقت الذي كانت إيطاليا تعلن عن نيتها لغزو الولاية  ، عليه يمكننا القول إن قلة القوة العسكرية العثمانية وتخلف قدراتها وتجهيزاتها هي إحدى ملامح الضعف الرئيسية في ولاية طرابلس والتي كانت من بين الجوانب التي شجعت إيطاليا في المضي في تحقيق مشروعها الاستعماري لغزو الولاية.


امحمد عطية محمد يحى، (06-2016)، مجلة ابحاث: جامعة سرت، 8 (2016)، 174-151

دور اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﻓﻲ إﺛﺮاء اﻟﺤﻴﺎة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺑﻮﻻﻳﺔ ﻃﺮاﺑﻠﺲ اﻟﻐﺮب إﺛﻨﺎء اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ اﻟﺜﺎﻧﻲ .
مقال في مجلة علمية

مثل الدين الإسلامي في هذه البلاد والذي حملته الفتوحات الإسلامية منذ عام  11 هجري (623 م ) القاعدة الأساسية التي ترتكز عليها حياة المواطنين وعلاقتهم فيما بينهم أو مع الدولة ، فإدارة حياتهم اليومية وحل منازعاتهم وخصومتهم تسير وفق المذهب المالكي الذي انتشر على هذه الأرض على يد العالم والفقيه الجليل الطرابلسي المولد والنشأة ( علي بن زياد ) ، الذي ارتحل إلى المدينة المنورة وأخذ المذهب المالكي من مؤسسه الفقيه أنس بن مالك ( 93/ 197ه) ومن ثم عاد إلى طرابلس وبداء في نشر هذا المذهب وانتقل للتدريس في جامع القيروان الكبير حيث تتلمذ على يده العالم والقاضي ( سحنون ) الذي يشار إلى دوره في نشر المالكية في شمال إفريقيا كلها فيما بعد ، إضافة إلى ذلك فقد انتشر المذهب الاباضي في بعض ربوع هذه البلاد في بعض أجزاء مناطق الجبل الغربي      و زوارة ، ومع وصول العثمانيين إلى هذه البلاد استجد أمرن :

1-     أولهم دخول المذهب الحنفي مذهب الدولة العثمانية الرسمي إلى هذه البلاد .

2-   والأمر الآخر هو تعدد الطرق الصوفية وتغلغلها في أواسط العامة ، هذا الأمر حصل بدعم من العثمانيين بحيث أصبح لكل قرية شيخها ووليها الصوفي الذي تتبرك به وتقدم له النذور وتخصه بالزيارات وإقامة الحفلات الدينية عند ضريحه ، وإن كان لابد أن نشير إلى أنه على الرغم من ذلك فقد كان المجتمع متديناً في أغلبه على الرغم من تلك المكانة التي كانت لهؤلاء الصوفيين ومنفتحاً على باقي شرائح المجتمع الأخرى ، ففي حين كان هؤلاء الصوفيون يحيون المناسبات الدينية بكل حرية ،كان النصارى يحيون عيد الفصح كذلك بكل حرية واحترام حيث يقوم الوالي باستقبال القناصل الأوربيين لتقديم التهنئة لهم في ظل التسامح الذي اشتهرت به المدينة .

 أما الأمور المتعلقة بزيارة القبور والتبرك بالأضرحة كانت تجرى في مجتمع كان يسوده الفقر والجهل وعدم المعرفة ، هذا الوسط وجد فيه العثمانيون الفرصة لتسويق تلك الأفكار وتدعيمها من خلال الصوفيين الذين أخذوا يكثرون الحديث في أذكارهم وأورادهم عن الفقر والجهل والظلم على أنها نعمة وسيتم مكافأة العبد المظلوم والمقهور في دنياه بالجنة ودليله في ذلك هو الشيخ والولي فهو المرشد إلى أبواب النعيم حتى أصبح من ليس له شيخ يتبعه ويسترشد به محروم من البركة في نظر هؤلاء ، وقد وجد الحكام العثمانيون في الصوفية الوسيلة لبسط السيطرة وإحباط المقاومة خصوصا في ظل ابتعادها عن الأسس والعقائد والأفكار التي انطلق منها بناة هذه الحركة في القرنين الثاني والثالث الهجري ، وقد ساهم في انتشارها على نحو واسع في هذه البلاد هو أن معظم من تولى حكم هذه الولاية كانوا من العسكريين وهؤلاء كان مستواهم متدنياً وأميين في أغلب الأوقات لذلك وفي الكثير من الأحيان كانوا يرهبون المشايخ على اعتبار أنهم يمثلون في نظرهم أولياء الله وهذا الخوف جعلهم يلجون إليهم في ساعات ضعفهم للحصول على البركة ورضي الخالق وكذلك لقراءة ما يخبئ لهم القدر في المستقبل ، كذلك عملوا على تقريبهم وتعظيمهم وباتوا في مكانة عالية وكبيرة ساهمت في كثير من الأوقات بسبب خوف هؤلاء الحكام منهم من أن يكونوا ملاذاً وملجأً للكثيرين من أبناء الشعب الهاربون من ظلم الحكام وملاحقة جنودهم لهم وهذا أكسبهم شعبية وحب الأهالي .

 


امحمد عطية محمد يحى، (06-2016)، كلية الاداب والعلوم / قصر خيار / جامعة المرقب .: جامعة المرقب، 2 (2016)، 78-121

عوامل انحسار تجارة القوافل بولاية طرابلس الغرب والآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على ذلك "مدن وقرى الجبل - الغربي أنموذجا".1910-1911م
مقال في مجلة علمية

يهدف البحث إلى إلقاء الضوء على (عوامل انحسار تجارة القوافل بولاية طرابلس الغرب والأثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على ذلك1910-1911م مدن وقري الجبل الغربي أنموذجا). وأشار المقال إلى أن التجارة شكلت بشكل عام وتجارة القوافل بشكل خاص، واحداً من أهم الأنشطة الاقتصادية التي مارسها سكان ولاية طرابلس الغرب عبر العصور التاريخية المختلفة. حيث أكد المقال أن أهمية هذا النشاط الاقتصادي (تجارة القوافل) لا تكمن في كونه أحد أهم سبل العيش والحياة للسكان، وأحد أهم مصادر الدخل للولاية فحسب، بل كان أيضاً عاملاً مهماً من عوامل الاستقرار السكاني والترابط الاجتماعي بين سكان الولاية. كما أوضح المقال إلى أن حركة القوافل التجارية من المدن والقرى والبوادي التي تمر بها أسواقاً في حالة رواج دائم، وأشار المقال إلى أهم الطرق التي ارتبطت بها ولاية طرابلس الغرب والطريق التجاري الرابط بين مركز الولاية مدينة طرابلس وغات عبر" غريان، يفرن، نالوت، سيناون، غدامس، غات" والذي يتفرع من غات إلى طريقان الأول:" غات، كانو، تمبكتو"، والثاني:" غات، مرزق، القطرون، كوار" والثالث:" كوار، كاوكا، برنو". وأشار المقال إلى أن احتلال فرنسا للمراكز التجارية جنوب الصحراء، وترسيمها للحدود بين تونس الخاضعة لسيطرتها، وولاية طرابلس الغرب الخاضعة للعثمانيين كان السبب الرئيسي في انحسار تجارة القوافل الطرابلسية ثم توقفها تماماً سنوات 1910-1911م.كما أشار المقال إلى أن السبب الأبرز والأهم فيتمثل في سعي فرنسا الحثيث لتهميش طرق القوافل التجارية المارة غرب الولاية عن طريق تحويل مساراتها نحو مناطق غرب أفريقيا والجزائر. كما بين المقال الأثار الاقتصادية والاجتماعية التي اتبعتها فرنسا في مستعمراتها جنوب الصحراء. واختتم المقال بالإشارة إلى أن تدهور الاقتصاد الطرابلسي، وانتشار المجاعة والهجرة الجماعية من إقليم طرابلس إلى تونس والجزائر الخاضعتين لفرنسا كان كل ذلك تمهيداً للاحتلال الإيطالي لليبيا سنة1911م.

مصطفى أحمد صقر صقر، (01-2015)، كلية التربية: جامعة المرقب، 6 (6)، 39-67

المجالس الادارية بولاية طرابلس العرب والاصلاح العثماني .
مقال في مجلة علمية

أدرك العثمانيون وبشكل مبكر من عمر الدولة العثمانية ضرورة القيام بحركة إصلاح تستهدف تحديث أجهزة الدولة من النواحي العسكرية والاقتصادية والثقافية من أجل الارتقاء بالمجتمع العثماني في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي كانت تهدد كيان الدولة الممتدة أطرافها في قارات أسيا وأوروبا وإفريقيا ، بإلاضافة إلى كونها كدولة إسلامية أدت دورا كبير في السياسة الدولية ، وقد تعمق هذا الإحساس خصوصا في منتصف القرن الثامن عشر بعد سلسلة الهزائم التي لحقت بجيوشها في جبهات القتال مع دول روسيا والنمسا وغيرها من الدول الأوروبية  ، وفي ظل تزايد التدخل الأجنبي في الشئون الداخلية بدأت الدعوة إلى الإصلاحات تأخذ منحى حقيقياً لكن هذه الإصلاحات لم تظهر بشكل واضح ذات ملامح معروفة إلا من عهدي السلطانيين سليم الثالث (1204هـ-1807م ) ، ومحمود الثاني (1223هـ -1839م) وازدادت وضوحا في التنظيمات الخيرية عام ( 1255هـ- 1856م ) وما صاحبها من لوائح وقرارات تنفيذية امتدت إلى عام (1293هـ/ 1876م ) لتبدأ مرحلة الإصلاح الثالثة والتي عرفت بالحركة الدستورية عامي (1293هـ-1908م)  وقد تبنى هذا المشروع الإصلاحي والذي عرف بالتنظيمات نخبة من رجال السياسة العثمانية في الفترة ( 1255ه- 1856م) أمثال الوزراء مصطفي رشيد ( 1215 هـ / 1858 م ) و على باشا ( 1231 هـ / 1871 م ) .


امحمد عطية محمد يحى، (09-2014)، كلية الاداب والعلوم الخمس: مجلة العلوم الانسانية، 9 (2014)، 40-74